الأحد، 13 يوليو 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
اتضح أن مهلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النهائية في التاسع من يوليو لإعادة فرض ما سمّاه «الرسوم الجمركية التبادلية» لم يكن سوى تأجيل، وإن لم يكن واضحاً إن كان إلى الأول من أغسطس أو الأول من سبتمبر، ومن المحتمل جداً أن يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، رغم تأكيدات الرئيس المكتوبة بأحرف كبيرة على منصة «تروث سوشيال»، وبالتالي جاء رد فعل أسواق المال هادئاً.
وقد شهدنا أيضاً شيئاً من التسلية حين وجه ترامب إحدى رسائله المليئة بالتهديدات الجمركية إلى ملك تايلاند، معتقداً على ما يبدو أن البلاد تحكم بنظام ملكي تنفيذي.
لا يمكنني ادعاء أن ترامب يفيد التجارة العالمية، إلا أن عدم كفاءة حملته التعريفية والأضرار التي لحقت بآفاق النمو الأمريكي قصة تحذيرية للحكومات التي يداعب عقلها فكرة القيام بالشيء نفسه.
وحالياً، تتبع حكومة كير ستارمر وعد إدارة ترامب وتشرب بعمق من جرعة الذكاء الاصطناعي السحرية، لمحاولة علاج الاقتصاد البريطاني من علله المستمرة، لكن سياسة ترامب التجارية كانت شديدة الخلل إلى درجة أنها حتى بالنسبة للمملكة المتحدة فشلت تماماً في أن تشكل نموذجاً يحتذى.
من المرجح أن يشبه تأثير رسوم ترامب الجمركية على النقاشات العالمية حول التجارة ما حدث مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
اعتقد بعض المعلقين في المملكة المتحدة بصدق، إلى حد مثير للضحك، أن الدول الأعضاء الأخرى، بما في ذلك أيرلندا ستتبعها في الخروج من الاتحاد الأوروبي.
بدلاً من ذلك زادت السياسة و«سخافة» تنفيذها حب الاتحاد الأوروبي بين الدول الأعضاء الـ 27، التي كانت حكيمة بما يكفي لعدم السير وراء بريطانيا إلى المستنقع.
أما ردود فعل الدول تجاه ترامب بشكل عام فكانت محاولة تقليص الأضرار بقدر الإمكان، ولا توجد حكومة واحدة تحضرني، خاصة في جنوب شرق آسيا، المحرك العظيم للعولمة، أعلنت نيتها تقليد سياساته الجمركية.
نعم، هناك موجة من الرسوم الوقائية فرضتها بعض الدول ذات الدخل المتوسط على واردات الصين، خاصة منذ منع بعض بضائع الصين من دخول السوق الأمريكية، فتدفقت إلى الأسواق العالمية، إلا أن تلك الرسوم تبقى في إطار الحماية الانتقائية والمحدودة، ولا تمثل تحولاً جذرياً في الفلسفة الاقتصادية المنفتحة لهذه البلدان.
الأولى تتمثّل في غياب رد فعل إيجابي من الحكومات الأخرى، بدلاً من الاكتفاء بالمواقف السلبية أو الدفاعية، والثانية تتعلق بالشركات متعددة الجنسيات، التي نجحت حتى الآن في التحايل على الرسوم الجمركية الأمريكية، لكنها ما زالت مترددة في نقل استثماراتها بشكل دائم لإعادة هيكلة سلاسل التوريد، إلا أنه مع طول الفترة الزمنية من عدم اليقين المدمر بشأن السياسة التجارية من جانب الولايات المتحدة رأيهم.
أما ترامب فقد قام بانعطافة حادة إلى الخلف، لكن لا توجد مؤشرات كثيرة على أن الحكومات الأخرى تسير وراءه في هذا الاتجاه القاتم، سوى بشكل جزئي وتحت ضغط الضرورة.
وسنعود إلى هذا المشهد مجدداً بعد نحو ثلاثة أسابيع، في الأول من أغسطس، حيث يحتمل أن يصدر ترامب رسائل برسوم جمركية إلى إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة أو إلى حاكم سلالة مينغ الصينية، لكن على المدى البعيد، ربما لا تكون المسألة ترتبط بمدى تنفيذ ترامب لتهديداته، بقدر ما تتعلق بالأثر التراكمي، الذي يخلفه يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، الذي يدمر فكرة أن حملة مستمرة لرفع الرسوم الجمركية قد تعود بالنفع على الاقتصاد الأمريكي.