كشفت بيانات حديثة عن أن 213,500 من عملة بيتكوين الرقمية قامت بلغاريا ببيعها عام 2018، أصبحت الآن تعادل نحو 82% من ديونها الوطنية في مشهد يُثير الدهشة ويطرح تساؤلات عن مدى سوء إدارة الثروات الرقمية في زمن التحول المالي.
ووفقًا لأرقام وزارة المالية البلغارية، ارتفع حجم الدين الحكومي في البلاد بشكل كبير خلال مايو 2025، حيث وصلت إلى نحو 30.9 مليار دولار، مقابل 27.5 مليار دولار في الشهر السابق لترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 24.8%، مقابل 22.1% فقط في أبريل.
وفي خطوة تكشف عن عمق الأزمة، زادت النفقات المالية إلى حوالي 4.2 مليارات دولار، متجاوزة الإيرادات التي سجلت 3.8 مليارات دولار، ما أدى إلى اتساع العجز المالي إلى نحو 383 مليون دولار.
وفي عام 2017، قامت السلطات البلغارية بمصادرة أكثر من 213 ألف من عملة "بيتكوين" في حملة استهدفت الجريمة الإلكترونية، حينها كانت قيمة "بيتكوين" أقل من 3000 دولار، وبذلك كانت قيمة الحصيلة أقل من 640 مليون دولار فقط. ولكن المفاجأة أن الحكومة باعت تلك العملات في 2018، رغم أن التفاصيل لا تزال غير واضحة.
ومع وصول سعر بيتكوين إلى أعلى مستوياته على الإطلاق قرب 123 ألف دولار خلال يوليو 2025، فإن قيمة تلك الحصيلة كانت ستتجاوز 26.3 مليار دولار، أو حوالي 44.3 مليار ليف بلغاري بأسعار الصرف الحالية وعليه يمكن ان نتخيل أنه لو أن كانت الحكومة قد احتفظت بتلك العملات، لكانت الآن قادرة على تغطية غالبية ديونها، بل وربما أكثر!
درس
والأمر لا يقتصر على بلغاريا فقط، فحكاية ألمانيا تؤكد أن الحكومات لم تتعلم الدرس بعد ففي عام 2024، باعَت الحكومة الألمانية نحو 50 ألف "بيتكوين"، محققة حوالي 2.89 مليار دولار، قبل أن يرتفع سعر العملة المشفرة بأكثر من الضعف خلال عام واحد، لو أنها احتفظت بمخزونها، لكانت الآن تجني أكثر من 6 مليارات دولار!.
وتذكرنا هذه القصص بقوة بالإمكانات غير المحدودة للعملات الرقمية، وتبرز تكلفة التقليل من شأنها أو تجاهلها. حتى الحكومة الأمريكية، التي كانت من أوائل المتحمسين، اعترفت بخسارة قدرها 17 مليار دولار بسبب نقص الرؤية طويلة الأمد تجاه الـ"بيتكوين".
وفي ظل هذه الدروس المستفادة، بدأت بعض الحكومات تعيد تقييم مواقفها فمثلًا، أعلنت الولايات المتحدة حظر بيع عملات"بيتكوين" المصادرة، وبدأت في تحويل الأصول إلى احتياطي وطني لمستقبل أكثر أمانًا، أما دول مثل السلفادور، التي كانت من أوائل من تبنوا استراتيجية استثمار طويلة المدى، فبدأت ترى ثمار ذلك بشكل واضح، مع نجاحات اقتصادية ملحوظة.
فهل تكون هذه بداية لعصر جديد من الاستفادة من العملات الرقمية؟ أم أن دروس الماضي ستظل تذكرنا بأغلى الفرص الضائعة في تاريخ التمويل الحكومي؟.