الجمعة 3 أكتوبر 2025 - 04:04:21 ص

تسارع السباق بين مجموعات الذكاء الاصطناعي نحو «الذكاء الفائق»

تسارع السباق بين مجموعات الذكاء الاصطناعي نحو «الذكاء الفائق»

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

توجه كبرى مجموعات الذكاء الاصطناعي في العالم المزيد من التركيز على ما يُسمى بالنماذج العالمية القادرة على فهم البيئات البشرية بشكل أفضل، سعياً وراء طرق جديدة لتحقيق «الذكاء الفائق» للآلات. وتُعدّ جوجل ديب مايند، وميتا، وإنفيديا من بين أبرز الشركات التي تسعى لكسب مكانة رائدة في سباق الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير أنظمة تهدف إلى الإبحار في العالم المادي من خلال التعلم من مقاطع الفيديو والبيانات الروبوتية بدلاً من اللغة فقط. ويأتي هذا التوجه في ظل تساؤلات حول ما إذا كانت النماذج اللغوية الكبيرة - وهي التقنية التي تُشغّل روبوتات الدردشة الشائعة مثل «شات جي بي تي» من شركة «أوبن ايه آي» قد وصلت إلى الحدّ الأقصى في تقدمها.


ولوحظ بالفعل تباطؤ القفزات في أداء النماذج اللغوية الكبيرة التي أصدرتها شركات في مختلف أنحاء القطاع، مثل «أوبن أيه آي» وجوجل و«إكس أيه آي» لإيلون ماسك، على الرغم من المبالغ الطائلة المستثمرة في تطويرها.


وقد تكون السوق المحتملة للنماذج العالمية ضخمة، وبحجم الاقتصاد العالمي تقريباً، وفقاً لليف ليباريديان، نائب رئيس «أومنيفيرس» وتكنولوجيا المحاكاة في «إنفيديا»، نظراً لأنها تدخل هذه التكنولوجيا في نطاقات المجال المادي، مثل قطاعي التصنيع والرعاية الصحية. وتساءل: ما هي فرصة النماذج التأسيسية العالمية؟ ورد قائلاً: «نحو 100 تريليون دولار إذا تمكنا من صنع ذكاء قادر على فهم العالم المادي والعمل فيه».


ويتم تدريب هذه النماذج باستخدام تدفقات بيانات من بيئات حقيقية أو بيئات محاكاة. ويُنظر إليها على أنها خطوة مهمة في دفع عجلة التقدم في السيارات ذاتية القيادة والروبوتات وما يعرف بوكلاء الذكاء الاصطناعي، ولكنها تتطلب قدراً هائلاً من البيانات وقوة حوسبة للتدريب، كما تعتبر تحدياً تقنياً لم يُحل بعد.


وأصبح هذا التركيز على نهج بديل للنماذج اللغوية الكبيرة واضحاً مع كشف العديد من مجموعات الذكاء الاصطناعي عن سلسلة من التطورات في النماذج العالمية في الأشهر الأخيرة. وفي الشهر الماضي، استعرضت جوجل ديب مايند برنامج «جيني 3» الذي يُولّد فيديو عبارة عن إطار تلو الآخر ويأخذ التفاعلات السابقة في الاعتبار. وفي السابق، كانت نماذج توليد الفيديو تُنشئ الفيديو بأكمله دفعةً واحدة، بدلاً من العمل خطوةً بخطوة.


وقال شلومي فروختر، الرئيس المشارك لبرنامج جيني 3 في جوجل ديب مايند: «لا يزال الذكاء الاصطناعي محصوراً إلى حد كبير في المجال الرقمي». وأضاف: «من خلال بناء بيئات تُشبه العالم الحقيقي أو تتصرف مثله، يُمكننا الحصول على طرق أكثر قابلية للتطوير لتدريب الذكاء الاصطناعي دون التداعيات الحقيقية لارتكاب أخطاء في العالم الحقيقي».


وتحاول ميتا محاكاة طريقة التعلم السلبي للأطفال من خلال مراقبة العالم من حولهم، وتدريب نماذج «في- جيبا» الخاصة بها على محتوى فيديو خام. وأصدر مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي التابع لشركة فيسبوك، بقيادة كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة «ميتا» يان ليكون والذي يركز على مشاريع الذكاء الاصطناعي طويلة الأجل، نسخته الثانية من النموذج في يونيو، والذي كان يجري اختباره على الروبوتات.


ويعتبر لوكان، وهو أحد رواد الذكاء الاصطناعي الحديث، من أبرز المؤيدين للهندسة المعمارية الجديدة، منبها إلى أن النماذج اللغوية الكبيرة لن تكتسب القدرة على التفكير والتخطيط مثل البشر. وعلى الرغم من ذلك، زاد مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مؤخراً من استثماراته في أفضل مواهب الذكاء الاصطناعي، حيث يسعى فريق من النخبة الآن إلى تحقيق إنجازات كبيرة في نماذج «لاما» اللغوية الكبيرة. وشمل ذلك تعيين ألكسندر وانغ، مؤسس مجموعة تصنيف البيانات «سكيل إيه آي»، لرئاسة جميع أعمال الذكاء الاصطناعي في ميتا، ولذلك يرفع «لوكان» تقاريره الآن إلى وانغ.


وأحد التطبيقات القريبة للنماذج التأسيسية العالمية هو في صناعة الترفيه، حيث يُمكنها إنشاء مشاهد تفاعلية وواقعية. وتُطوّر «وورلد لابز»، وهي شركة ناشئة أسسها رائد الذكاء الاصطناعي فاي فاي لي، نموذجاً يُولّد بيئات ثلاثية الأبعاد تُشبه ألعاب الفيديو من مجرد صورة واحدة. كما أطلقت شركة «رن واي»، وهي شركة ناشئة في مجال توليد الفيديو، ولديها اتفاقيات مع استوديوهات هوليوود، بما في ذلك «ليونز جيت»، منتجاً الشهر الماضي يستخدم نماذج عالمية لإنشاء إعدادات ألعاب، مع قصص وشخصيات مخصصة تُنشأ في الوقت الفعلي.


وقال كريستوبال فالينزويلا، الرئيس التنفيذي لشركة «رن واي» إن نماذج توليد الفيديو السابقة كانت تتميز بفيزياء مختلفة عن العالم الحقيقي، وهو ما تُساعد الأنظمة الجديدة متعددة الأغراض في معالجته. ولبناء هذه النماذج، تحتاج الشركات إلى جمع كمية هائلة من البيانات المادية حول العالم.


وقامت شركة «نيانتيك»، ومقرها سان فرانسيسكو، برسم خرائط لعشرة ملايين موقع، وجمع المعلومات من خلال ألعاب مثل «بوكيمون جو»، التي تضم 30 مليون لاعب شهرياً يتفاعلون مع خريطة عالمية. وتعمل نيانتيك وإنفيديا على سد الثغرات من خلال استخدام نماذجهما العالمية لتوليد البيئات أو التنبؤ بها. وتُنشئ منصة أومنيفرس من إنفيديا وتُدير مثل هذه المحاكاة، مما يُساعد عملاق التكنولوجيا في توجهه نحو الروبوتات، مُستفيداً من تاريخه الطويل في محاكاة بيئات العالم الحقيقي في ألعاب الفيديو.


وأكد جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، أن مرحلة النمو الرئيسية القادمة للشركة ستأتي من «الذكاء الاصطناعي المادي»، حيث تُحدث النماذج الجديدة ثورة في مجال الروبوتات. وقال خبراء، مثل لي كون من ميتا، إن تحقيق هذه الرؤية المتمثلة في جيل جديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تُشغّل آلات بذكاء بشري قد يستغرق عشر سنوات.