الأثنين، 13 أكتوبر 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
وبحلول وقت وصولها، كانت رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية قد رفعت السعر بنسبة 15% ليصل إلى 345 ألف دولار.
وقال غاري جريجوفسكي، نائب رئيس شركة «تيم 1 بلاستيكس» والمؤسس المشارك لها: «هذه تكلفة يجب تعويضها بطريقة ما».
كان من المفترض أن تعزز رسوم ترامب الجمركية صناعة السيارات الأمريكية، إذ ستحميها من المنافسة الأجنبية، وتصحح الاختلالات التجارية، وتشجع على إعادة توطين الوظائف التي تنتقل إلى آسيا، وفقاً للبيت الأبيض.
ولذلك، تتوقع شركات فورد وجنرال موتورز وستيلانتس - الشركات الثلاث الكبرى - تضرر أرباحها مجتمعةً ما يصل إلى 7 مليارات دولار بسبب الرسوم الجمركية في عام 2025، في حين تعاني آلاف الشركات الموردة لها من تعطل سلاسل التوريد، وانخفاض التدفقات النقدية، وارتفاع أسعار المنتجات.
وتُعتبر ديترويت، وهي العاصمة الصناعية لولاية ميشيغن، مهد قطاع السيارات الأمريكي التاريخي. فمنذ أن بنى هنري فورد أول خط تجميع متحرك في العالم هناك عام 1913، أصبحت ديترويت رمزاً للبراعة التكنولوجية والتصنيعية للولايات المتحدة.
لكن هذه البراعة ترتبط بسلاسل توريد معقدة وعالمية وسيكون من الصعب استبدالها.
ويراقب الموردون بقلق الشركات الثلاث الكبرى وهي تترنح تحت وطأة الاضطرابات الناجمة عن الرسوم الجمركية، وخاصةً ضريبة الـ25% المفروضة على قطع غيار السيارات المستوردة.
وقال جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد، الشهر الماضي: «هذه الرياح المعاكسة بقيمة ملياري دولار تُقيّد استثماراتنا المستقبلية».
وقالت ليزا لانسفورد، الرئيسة التنفيذية لشركة «جي إس 3»، التي تُصنّع قطع غيار من الألمنيوم وسبائك الفولاذ: «قطاع السيارات ينزف، والسؤال هو: إذا لم ينجُ، فكيف ستكون الأمور بالنسبة لنا جميعاً؟»
وقال رئيسها التنفيذي إن الشركة «تأثرت بشدة» بالرسوم الجمركية الأمريكية.
وقالت «من المفارقات الخطيرة أن فوضى التعريفات الجمركية الوطنية تفعل العكس تماماً من هدف الإدارة فالشركات تعمل على خفض الإنتاج، وليس خلق فرص العمل في ميشيغن».
وقال جلين ستيفنز، المدير التنفيذي لمجموعة الضغط «ميش أوتو»، إن «وضع الصناعة غير مسبوق.
ولقد مررنا بالعديد من نقاط التحول، لكنني لا أعتقد أنني رأيت شيئاً مثل ما يحدث هنا حالياً»، فالرسوم الجمركية هي أحدث انتكاسة لقطاع يعاني من الاضطرابات.
أولاً، جاءت جائحة هزت سلاسل التوريد العالمية. ثم، أدى انخفاض الطلب على السيارات الكهربائية إلى إرباك خطط توسع شركات صناعة السيارات.
والآن، تواجه الشركات تهديداً متزايداً من المنافسين الصينيين الذين يتحدون الهيمنة العالمية للشركات الأمريكية حتى في الأسواق التقليدية.
وأشار بات ديرامو، الرئيس التنفيذي لشركة مارتنريا إنترناشونال، وهي شركة كندية لتوريد قطع الغيار، ولها منشآت هندسية في ميشيغن، في هذا السياق إلى القرار المفاجئ الذي اتخذته الإدارة الأمريكية في أغسطس الماضي بتوسيع نطاق منتجات مشتقات الصلب والألمنيوم الخاضعة لرسوم الاستيراد.
وقال ديرامو: «لقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار بعض السلع بنسبة وصلت إلى 400%».
كما أحدثت الرسوم الجمركية اختلالات غير منطقية، من وجهة نظر الكثيرين.
وأوضح ديرامو أن شركته تصب الفولاذ المقاوم للصدأ في إنديانا، ثم ترسله إلى كندا لتحويله إلى أنابيب.
وأضاف: «عندما يعود، يتعين علينا دفع رسوم جمركية على كل من الفولاذ المقاوم للصدأ - المصنوع في أمريكا - والأنابيب نفسها». وتابع: «لذلك، هناك خلل في النظام».
وتتفاوض شركة «ألفا يو إس ايه»، مع عملائه للحصول على تعويضات، إلا أن بعض شركات صناعة السيارات ترفض دفع كل التكاليف المتعلقة بالرسوم الجمركية التي تكبدها موردوها.
وتطالب بعض شركات السيارات الكبرى الموردين بالحصول على المزيد من المواد الخام وقطع الغيار من الولايات المتحدة، إلا أن ذلك قد يكون صعباً.
وقالت شركة «ألفا يو إس أيه» إنها تواصلت مع العديد من مصنعي الصواميل والمسامير الملولبة الأمريكيين، لكن «في 99.9% من الحالات» كان السعر الذي عرضوه أعلى من تكلفة المنتج التايواني، حتى بعد تضمين الرسوم الجمركية.
وكلما صغر حجم الشركة، زاد حجم الاضطرابات المحتملة.
صرحت كارين هاريس، رئيسة شركة بليتز بروتو، وهي شركة متخصصة في النماذج الأولية، ومقرها فارمنجتون هيلز بولاية ميشيغن، بأن أسعار مكونات الفولاذ المقاوم للصدأ التي تستخدمها الشركة ارتفعت بنسبة 21% بين أبريل وسبتمبر.
وأصبحت أسعار الأجزاء الأخرى الآن أعلى بنسبة 50% مما كانت عليه قبل فرض الرسوم الجمركية.
وقد أثّر ذلك سلباً في تقديرات أسعار الشركة. وأوضحت كارين هاريس أن أي عرض سعر تقدمه الشركة لأي مشروع كان في الماضي صالحاً لمدة 30 يوماً.
أما الآن، فتنتهي صلاحيته بعد أسبوع. وأضافت: «التكاليف تتغير يومياً بسبب تقلبات الرسوم الجمركية. لذا، لم يعد بإمكاننا تحديد التكلفة بدقة».
وبينما لم تؤثر الرسوم في أسعار السيارات حتى الآن، يقول المحللون إنها مسألة وقت فقط وخاصة بعد أن يستنفد التجار مخزوناتهم التي راكموها قبل فرض الرسوم الجمركية.
ويتوقع غابرييل إيرليتش، الخبير الاقتصادي بجامعة ميشيغن، أن يرتفع سعر السيارات المحلية والمستوردة بنسبة 9.6% في المتوسط على مدار السنوات التي ستستغرقها سلاسل التوريد للتكيف مع رسوم ترامب الجمركية. وكتب في سبتمبر: «باستخدام أسعار عام 2024، سيرتفع متوسط تكلفة السيارة بنحو 4500 دولار إذا ظلت هوامش الربح كما هي».
وأضاف إنه يتوقع أيضاً أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى انخفاض إنتاج السيارات المحلية، مع تراجع إنتاج السيارات الخفيفة بمقدار 313 ألف وحدة، أو 3.1%، سنوياً.
كما توقع أن تنخفض مبيعات السيارات الخفيفة بنحو 780 ألف وحدة سنوياً، وأن تنخفض الصادرات بمقدار 320 ألف وحدة.
وشدد على أن الضريبة المفروضة على الفولاذ والألمنيوم المستوردين هي المحرك الرئيس لزيادات التكلفة التي أثرت في الصناعة.
وقال إيرليتش: «بشكل عام، هناك تكلفة صافية على ولاية ميشيغن، لأن هذه المواد تُعدّ مدخلات رئيسة في صناعة السيارات والشاحنات الخفيفة».
وفي هذه الأثناء، يتوق موردو قطع غيار السيارات إلى أوقات أكثر استقراراً. يقول ديرامو من شركة «مارتنريا»: «متى سنحصل على استراحة؟ لقد مرت خمس سنوات من الصراعات المتتالية، وتقلصت هوامش ربحنا طوال هذه الفترة».