الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 - 02:47:50 م

شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تنافس الغربية بأسعار أقل

شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تنافس الغربية بأسعار أقل

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

تسعى شركات الذكاء الاصطناعي الصينية جاهدة لخفض تكاليف إنتاج نماذج تنافسية، في ظل مواجهتها قيوداً أمريكية في الحصول على الرقاقات، وميزانيات أقل مقارنة بنظيراتها الغربية. ونجحت شركات ناشئة مثل «زيرو وان دوت إيه آي» و«ديب سيك» في خفض أسعارها، من خلال تبني استراتيجيات مبتكرة، مثل التركيز على مجموعات بيانات أصغر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتوظيف مهندسي حاسوب ذوي مهارات عالية بتكاليف منخفضة.

كما انضمت شركات تكنولوجيا أكبر، مثل «علي بابا» و«بايدو» و«بايت دانس»، إلى حرب الأسعار؛ خفضاً لتكاليف «الاستدلال» بأكثر من 90% عما تقدمه نظيراتها الأمريكية. ويقصد بتكاليف الاستدلال أسعار الطلب من النماذج اللغوية الكبيرة توليد استجابات.

يأتي ذلك على الرغم من مواجهة الشركات الصينية للحظر التي فرضته واشنطن على صادرات رقائق «إنفيديا» الأكثر تطوراً، والتي ينظر إليها باعتبارها ضرورية في تطوير أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطوراً في الولايات المتحدة.

وأشارت «زيرو وان دوت إيه آي» التي تتخذ من بكين مقراً لها ويقود دفتها لي كاي-فو، الرئيس السابق لـ «غوغل» في الصين، إلى خفضها تكاليف الاستدعاء عن طريق بناء نموذج تدرب على قدر أقل من البيانات التي تتطلب قوة حاسوبية أقل، وعملت على تحسين أجهزتها.

وفي تصريحات لـ «فاينانشال تايمز»، أفاد لي: «تكمن قوة الصين في إنشاء محركات استدعاء ميسورة التكلفة حقاً، ثم فتح المجال أمام التطبيقات للانتشار». وأخيراً، حل نموذج «يي-لايتننغ» الذي أنشأته «زيرو وان دوت إيه آي»، في المركز الثالث وتشارك المرتبة مع نماذج لغوية كبيرة مثل «غروك 2» التابع لـ «إكس دوت إيه آي»، وجاء وراء «أوبن إيه آي» و«غوغل» في تصنيف صدر عن باحثين في مختبر «سكاي لاب» التابع لجامعة كاليفورنيا في بيركلي ومنظمة الأنظمة اللغوية الكبيرة «إل إم إس واي إس».

واستند ذلك إلى تقييمات مستخدمين لاستجابات مختلف النماذج على الاستفسارات. كما ارتقت النماذج اللغوية الكبيرة التابعة لشركات صينية أخرى مثل «بايت دانس» و«علي بابا» و«ديب سيك» في التصنيفات.

وتبلغ تكلفة الاستدلال لنموذج «يي-لايتننغ» الذي أنشأته «زيرو وان دوت إيه آي» 14 سنتاً لكل مليون رمز، مقابل 26 سنتاً لدى نموذج «جي بي تي أو وان-ميني» الأصغر الخاص بشركة «أوبن إيه آي». وفي الوقت ذاته، تبلغ تكلفة الاستدعاء الخاصة بنموذج «جي بي تي فور أو» الأكبر من إنتاج «أوبن إيه آي»، 4.40 دولارات لكل مليون رمز. ويتوقف عدد الرموز المستخدمة في توليد استجابة على مدى تعقيد الاستفسار.

أوضح لي أن «يي-لايتننغ» كلف الشركة 3 ملايين دولار في مرحلة «ما قبل التدريب»، وهي مرحلة التدريب الأولي للنموذج، ويمكن ضبطه فيما بعد أو تخصيصه وفق مختلف حالات الاستخدام. ويعد هذا قدراً بسيطاً من التكلفة التي أشارت إليها مثيلات «أوبن إيه آي» بالنسبة لنماذج أكبر. وأضاف إن الهدف لا يكمن في أن يكون لدى الشركة «أفضل نموذج»، وإنما أن يكون لديها نموذج تنافسي «أقل في التكلفة بخمس إلى عشر مرات» بالنسبة للمطورين الذين سيستخدمونه في إنشاء تطبيقات.

وتبنى الكثير من شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، بما في ذلك «زيرو وان دوت إيه آي» و«ديب سيك» و«ميني ماكس» و«ستيب فن»، نهجاً يطلق عليه «نموذج الخبير»، وهي الاستراتيجية التي شاعت في البدء بين الباحثين الأمريكيين.

ويحوي هذا النهج الكثير من الشبكات العصبية التي تدربت على بيانات تخص كل مجال على حدة، بدلاً من تدريب «نموذج واحد مكتظ» لمرة واحدة على قاعدة بيانات عملاقة تحوي في طياتها بيانات جمعت من على الإنترنت بجانب مصادر أخرى.

ويعتبر باحثون نهج نموذج الخبير طريقة مهمة في تحقيق درجة الذكاء ذاتها التي تتمتع بها النماذج المكتظة لكن تستخدم قوة حاسوبية أقل. لكن قد يكون هذا النهج عرضة بدرجة أكبر للإخفاق، لأنه يتعين على المهندسين تنظيم عملية التدريب من خلال «خبراء» متعددين وليس وفق نموذج واحد.

وفي ضوء صعوبة الحصول على إمدادات ثابتة ووفيرة من رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة، عمدت الشركات الصينية إلى التنافس فيما بينها على مدى العام الماضي من أجل تطوير مجموعات بيانات بأعلى جودة لتدريب هؤلاء «الخبراء»، بحيث تكون خارج المنافسة.

ولفت لي أن «زيرو وان دوت إيه آي» لديها طرق في جمع البيانات تذهب إلى مدى أبعد من مجرد الطريقة التقليدية المتمثلة في تجريف الإنترنت، وتشمل مسح الكتب، واستخراج المقالات من تطبيق وي تشات للمراسلة، أي المصادر غير المتاحة على الإنترنت المفتوح.

وذكر: «هناك الكثير من الأعمال الشاقة» التي يضطلع بها مهندسون من أجل تمييز البيانات وتصنيفها، لافتاً إلى أن الصين في وضع أفضل يمكنها من فعل ذلك مقارنة بالولايات المتحدة، بالنظر إلى المهارات الأكبر والأرخص من المهندسين. وتكمن قوة الصين في أنها لا تجري أفضل الأبحاث المتطورة التي لم يتوصل إليها أحد من قبل ولا توجد حدود لميزانيتها، وإنما في الإنشاء الجيد والسريع والموثوق والرخيص للنماذج.