الجمعة، 14 فبراير 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
منذ وقت ليس ببعيد كان الموقف واضحاً بالنسبة لشركات السيارات العالمية: السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي أصبحت بدرجة كبيرة من بقايا الماضي، لذلك أعلنت قائمة طويلة من شركات السيارات التقليدية نيتها التحول الكامل نحو إنتاج السيارات الكهربائية بحلول عام 2030، لكن هذه الشركات، اليوم، تغير مسارها بهدوء، ما سيطيل عمر الطرازات، التي تعمل بالوقود حتى العقد المقبل.
وهذا يعكس أنه على مستوى العالم لا يزال توقيت التحول للمستقبل الكهربائي بالكامل أمراً غير مؤكد، فالنمو في مبيعات السيارات الكهربائية قد تباطأ، ولا تزال هناك فجوات في البنية التحتية اللازمة لدعمها.
كما أن التغير في سياسات بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، يشير إلى تراجع التشريعات الداعمة للتحول نحو السيارات الكهربائية.
رغم ذلك تقف الصين بمفردها في هذا المشهد، فالتحول إلى المركبات الكهربائية ليس نزعة عابرة، وإنما يمثل في واقع الأمر تحولاً هيكلياً.
في الوقت نفسه تتغير تفضيلات العملاء من العلامات التجارية اليابانية والأوروبية إلى المنتجات المحلية.
لذا تبدو إعادة هيكلة الصناعة برمتها أمراً لا مفر منه بالنسبة لشركات السيارات التقليدية في الصين، التي اعتمدت على شراكات دولية، لتعزيز جاذبيتها.
وتعد «دونغ فينغ موتور كوربوريشن» أحد الأمثلة على تغير مشهد قطاع السيارات داخل الصين، فهي شركة لتصنيع السيارات مملوكة للدولة، وشريكة منذ أمد طويل لشركتي «نيسان» و«هوندا» و«بيجو - سيتروين».
ورغم توسع «دونغ فينغ» في صناعة المركبات الكهربائية بواسطة خطوط إنتاجها الخاصة إلا أن الطلب المحلي القوي على السيارات، التي تصنعها علامات تجارية أجنبية لطالما كان أبرز مميزاتها.
فقد كانت دونغ فينغ تقوم بتصنيع هذه السيارات الأجنبية وبيعها في الصين، مستفيدة من شعبية هذه العلامات التجارية.
أما الآن فقد بدأت أوضاعها المالية تعكس اتجاهاً متغيراً في السوق، فقد باعت «دونغ فينغ» 1.54 مليون سيارة ركاب عام 2024، بانخفاض تتجاوز نسبته 10 % عن عدد السيارات المباعة في 2023. في الوقت نفسه باعت عملاقة المركبات الكهربائية الصينية «بي واي دي» أكثر من 4 ملايين سيارة بزيادة قدرها 40 %.
ورغم أن صناعة السيارات الصينية، التي توجد بها أكثر من 100 شركة صناعة ضخمة بالفعل، إلا أنها شديدة التجزؤ، وقد أسفر فائض المعروض وتدفق الشركات الناشئة غير المربحة عن سوق مزدحمة بصورة غير مستدامة.
نتيجة لذلك ابتعد المستثمرون إلى حد كبير عن شركات تصنيع السيارات التقليدية وراهنوا بدلاً من ذلك على الشركات الأحدث، والأكثر ابتكاراً لإنتاج المركبات الكهربائية مثل «بي واي دي» و«إكس بينغ»، لكن الأمور قد تتغير عما قريب، فقد أصدرت «دونغ فينغ» والعملاقة «شانغان أوتو» المملوكة للدولة، بيانين متطابقين تقريباً منذ أيام، ألمحا فيهما إلى إعادة هيكلة مرتقبة، وحلقت أسهم «دونغ فينغ» بقرابة الثلث إثر تكهنات بعمليات دمج محتملة واسعة النطاق.
وهناك ما يدعو إلى التفاؤل، إذ يقدم لنا التاريخ سابقة واضحة، فقد تكرر تدخل بكين عن طريق سياسات، لتوحيد الصناعات المجزئة، مثل الصلب والاتصالات.
وقد يكون ذلك إيجابياً على وجه الخصوص لأكثر شركات تصنيع المركبات الكهربائية الصينية ربحية، مثل الشركات المملوكة للدولة على شاكلة «سايك موتور كوربوريشن» و«غوانجو أوتوموبيل غروب»، وكذلك عمالقة القطاع الخاص أمثال «جيلي أوتو غروب» و«غريت وول موتورز»، وبالنسبة للمستثمرين الذين لطالما ساورتهم الشكوك بشأن القطاع فمن شأن هذا التحول أن يشكل بداية فصل جديد.