ترامب يعلن حرباً تجارية على العالم

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، حرباً تجارية على العالم بفرض رسوم جمركية شاملة على الواردات الأمريكية، وفقاً لقاعدة المعاملة بالمثل مع مختلف دول العالم تراوحت بين 10% وحتى 49%، تنفيذاً لما توعد به باستمرار منذ حملته الانتخابية بهدف بدء «عصر ذهبي» للولايات المتحدة، غير أنها قد تتسبب بانهيار الاقتصاد العالمي.

وفيما وصفه بـ«يوم التحرير»، قال ترامب في خطاب ألقاه في حديقة البيت الأبيض إنّ «الرسوم المتبادلة تعني: ما يفعلونه بنا نفعله بهم. هذا أمر سهل جداً. لا يمكن أن يكون أسهل من ذلك»، متابعاً «هذا، في رأيي، أحد أهم الأيام في التاريخ الأمريكي».

وسيفرض ترامب رسوماً نسبتها 34% على الواردات من الصين، و20% من الاتحاد الأوروبي، وهما من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وأعلن الرئيس الجمهوري في خطابه المطوّل أنّ قراره هذا إنما هو بمثابة «إعلان استقلال اقتصادي» للولايات المتحدة و«يوم تحرير» لها.

وشنّ هجوماً عنيفاً على سائر شركاء بلاده التجاريين، معتبراً أنّهم استغلوها اقتصادياً على مدى عقود طويلة عبر فرض رسوم جمركية باهظة على صادراتها إليهم. ودعا ترامب مواطنيه للبدء في شراء المنتجات الأمريكية، وفي الوقت ذاته طالب قادة العالم بإلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية. وقال مسؤول أمريكي كبير إن الحد الأدنى للرسوم سيبدأ تطبيقه في 5 أبريل والرسوم المتبادلة 9 أبريل.

ويخشى أن تكون للرسوم الجديدة وطأة هائلة على الاقتصاد العالمي. ففي العام 2024 استوردت الولايات المتحدة حوالي 3300 مليار دولار من البضائع. وبعيد بدء ترامب خطابه، تراجع الدولار الأمريكي 1% أمام اليورو.

وقالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أمس، إن ما سيعلنه ترامب «لن يكون في صالح الاقتصاد العالمي، لن يكون في صالح أولئك الذين يفرضون الرسوم الجمركية ولا أولئك الذين يردّون عليها. هذا سيلحق اضطراباً بعالم التجارة كما نعرفه».

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبسترايت «إن تكاليف الحرب التجارية لا يتحملها طرف واحد، بل قد تصبح تكلفتها باهظة على الجانبين». وحاول شركاء الولايات المتحدة الاستعداد للصدمة باعتماد خطاب حازم، وفي الوقت نفسه إبداء استعداد للحوار واتخاذ مبادرات تهدئة.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده ستكون «متأنية جداً» في ردها على «الإجراءات غير المبررة التي تتخذها الحكومة الأمريكية».

وشدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على أن لندن تستعد لاعتماد «مقاربة هادئة وبراغماتية» حيال الرسوم الجديدة. وأفادت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما بأن الاتحاد الأوروبي سيرد «قبل نهاية أبريل» على الرسوم الجمركية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين «لا نريد بالضرورة اتخاذ إجراءات انتقامية، لكن لدينا خطة قوية إذا اقتضى الأمر». وأكدت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم أن بلادها التي تعد من الأكثر عرضة لرسوم إدارة ترامب، نظراً لأنها تصدر أكثر من 80% من بضائعها إلى الولايات المتحدة، لا تسعى للمواجهة.

وقالت «اخترنا أن ننتظر ونرى ما سيطرحون وسوف نستمر في الحوار». وتأمل بعض الدول الحصول على معاملة أكثر مراعاة، على غرار فيتنام التي خفضت رسومها الجمركية على مجموعة من السلع في محاولة لاسترضاء واشنطن. 

10 % على الإمارات

شملت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي على نحو 50 دولة 6 دول عربية بواقع 10 % على كل من الإمارات والسعودية ومصر والمغرب و20 % على الأردن و٢٨ % على وتونس.

تهديد بالرد على أي رسوم مضادة

حذر وزير الخزانة الأمريكي دول العالم من الرد على الرسوم الجمركية، لأنه سيكون هناك تصعيد. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيرد على أي فعل انتقامي من دول أخرى لضمان عدم تقويض نظام الطوارئ.

وأضاف أن مؤسسات ما بعد الحرب العالمية الثانية «لم تعد مناسبة لعصرنا ووضعنا الاقتصادي». وقال وزير الخزانة الأمريكي إن روسيا ليست على قائمة الرسوم، لأننا لا نجري تجارة معها لأنها تخضع لعقوبات.

النفط يتراجع

هبطت أسعار النفط بعد صعودها بواقع دولار في تعاملات ما بعد التسوية، أمس، مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية مضادة على شركاء تجاريين، ما أجج مخاوف من احتمال أن تؤدي حرب تجارية عالمية إلى الحد من الطلب على الخام. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 74.95 دولاراً للبرميل عند التسوية بزيادة 46 سنتاً أو 0.6 بالمئة. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 51 سنتاً أو 0.7 بالمئة إلى 71.71 دولاراً.

توقع خسائر كبيرة في وول ستريت اليوم

أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت، أمس، على ارتفاع بعد جلسة تداول متقلبة انخفضت فيها الأسهم في وقت مبكر ثم انتعشت مع مراهنات المستثمرين في اللحظة الأخيرة لتعديل أوضاعهم قبل إعلان الرسوم.

وتراجعت العقود الآجلة للمؤشرين ستاندرد أند بورز 500 وناسداك عن مكاسبها بعد أن استحوذ القلق على المستثمرين بسبب خطط الرسوم. وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 1.6 %، ولمؤشر ناسداك 2.4 %. ويشير ذلك إلى أن المستثمرين يتوقعون خسائر كبيرة في فتح وول ستريت اليوم الخميس.