الأحد، 06 يوليو 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
بدا ذلك صحيحاً، فهناك بعض الأشياء لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر القيام بها.
وبينما يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المختلفة المساعدة في غالبية هذه المهام، فإن النتيجة المتوقعة ليست اختفاء مهنة البستنة، بل تغيير شكلها.
ويمكن استخلاص درس مهم من سابقتين متناقضتين: جداول البيانات الرقمية، وسماعات التوجيه في المستودعات مثل وحدة «جينيفر».
برامج جداول البيانات الرقمية التي طرحت في الأسواق عام 1979، أدت على الفور المهام التي كان يقوم بها كتبة الحسابات بشكل فوري ودقيق، غير أن مهنة المحاسبة تطورت ببساطة نحو مشكلات أكثر استراتيجية وإبداعاً، كنمذجة السيناريوهات والمخاطر المختلفة، ومن منا لا يرغب في محاسب مبدع؟
إنها تزيل آخر ما تبقى من «العبء الذهني» في وظيفة تتطلب جهداً بدنياً، وكانت بالفعل مملة.
لقد كانت تناقضاً صارخاً مع جداول البيانات الرقمية الذي أزال الجزء الأكثر مللاً من وظيفة متنوعة وذات مهارات عالية.
الدرس المستفاد هنا: أن الذكاء الاصطناعي قد يجعل الوظيفة المملة أكثر مللاً، والمهنة المثيرة أكثر إثارة.
فقديماً، كان كلا النوعين من الكتبة يقضون وقتاً طويلاً في تنفيذ مهام فكرية روتينية مثل اكتشاف التناقضات، وإعداد قوائم المخزونات أو جداول البيانات، وإجراء عمليات حسابية بسيطة على نطاق واسع.
وكل هذه المهام كانت من النوع الذي يمكن للحواسيب تنفيذها. وما إن أصبحت أسعار الحواسيب رخيصة بما يكفي، حتى تولت هذه المهام.
ولأن المهام نفسها واجهت النوع نفسه من الأتمتة، فيبدو من المنطقي أن تتغير كلتا الوظيفتين بطرق متشابهة.
ويرجع ذلك إلى أن غالبية الوظائف ليست مجموعة عشوائية لمهام منفصلة، بل حزم مترابطة من المهام التي يؤديها الشخص نفسه بكفاءة لأسباب واضحة ومنطقية. وعند استبعاد بعض المهام من الحزمة، ستتغير الوظيفة بأكملها.
بالمثل، فقد كتبة المحاسبة أيضاً مهام الحساب، لكن ما تبقى من عملهم تطلب مهارات الحكمة والتحليل وحل المشكلات المعقدة.
ومع عدم وضوح الرؤية، يقدم إطار أوتور وتومبسون سؤالاً محورياً: هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على الجزء الأكثر مهارة في وظيفتك أم الجزء الأقل مهارة الذي لم تستطع التخلص منها حتى الآن؟ قد تساعد الإجابة عن هذا السؤال في استشراف ما إذا كانت وظيفتك ستتحول نحو مزيد من المتعة الإبداعية أم نحو مزيد من الإرهاق، وما إذا كان راتبك سيشهد ارتفاعاً أم انخفاضاً مع تراجع قيمة خبرتك، تماماً كما حدث مع خبرة اللوديين المهنية.
فحين أدير لعبة تقمص الأدوار، فهذا أمر رائع، إذ تختصر مرحلة الإعداد وتتيح لي الانتقال فوراً إلى الجزء الممتع المتمثل في الالتفاف حول الطاولة مع الأصدقاء متقمصين أدوار السحرة.
ولنعد إلى حالة البستاني مجدداً. ربما يكمن أكثر جوانب عمله إرهاقاً هو محاولة صياغة رسائل إلكترونية للعملاء المكتبيين الذين يبدون أكثر تمكناً من هذه الوسيلة مقارنة بشخص يقضي غالبية وقته في الهواء الطلق.
فلندع جانباً قضية الفزاعات الليزرية وروبوتات إزالة الأعشاب الضارة، فما يحتاجه البستاني حقاً هو سكرتير ذكاء اصطناعي يجمع بين مهارات الكتابة والتحرير.
والواقع أن التقنية اللازمة لذلك أصبحت متاحة بالفعل.