الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 - 10:27:53 م

سقوط «بيتكوين» إنذار مبكر لأسواق الأسهم العالمية

سقوط «بيتكوين» إنذار مبكر لأسواق الأسهم العالمية

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

استغرق الأمر 17 عاماً، والكثير من الأموال، وسلسلة ممتدة من إشراقات الفجر الكاذب، ووعوداً متعددة لم تتحقق، ولكن أخيراً، حقق أحد التحولات الرئيسة التي نشأت من حقبة الأزمة المالية الكبرى شيئاً مفيداً: لقد أعد ابني العشاء الليلة الماضية. (كنت خارج المنزل، لكنني أعتقد أنه كان جهداً جيداً لتحضير حساء الطماطم اللذيذ).

 

وبالمثل، فإن البيتكوين - تلك الباقة المزدهرة من الوعود والإمكانات التي انطلقت إلى العالم، في نفس الوقت تقريباً الذي ظهر، خرج فيه ابني مارتن كيد بي إلى العالم - قد قدمت خلال الأسبوع الماضي خدمة مفيدة للغاية. ولطالما أخبرني المؤيدون أن البيتكوين هو مال (وهو ليس كذلك في الحقيقة)، وأنه وسيلة تحوط من التضخم (دعونا من هذا الحديث، الآن)، أو أنه أصل ملاذ آمن في أوقات الشدة (هههه)، لكن اتضح أن وظيفته الأكثر فائدة، هي العمل كنظام إنذار مبكر بأن الأسواق في وضع سيئ.

 

وفي مناسبات عدة مؤخراً، كان انخفاض سعر البيتكوين هو ما أدى إلى انخفاض الأسهم العالمية. إنه يغرق، والأسهم تتبعه. وقد انخفض سعره بشكل كبير، حيث انخفض بمقدار الثلث منذ أوائل أكتوبر، ليصل إلى نحو 84.000 دولار. ولم يتبقَّ سوى 84.000 دولار أخرى، قبل أن يصل إلى قيمته العادلة!

 

وقد استعادت الأسهم بعضاً من قوتها، بعد بداية متذبذبة للأسبوع، في ظل نتائج أرباح قوية من شركة صناعة الرقائق العملاقة «إنفيديا»، يوم الأربعاء. لكن انخفاض سعر البيتكوين هو ما عكّر صفو المزاج مجدداً الخميس، وسرعان ما تبعته الأسهم. وهكذا، أصبح عملاق العملات المشفرة الآن مقياساً للمشاعر والحماس المضاربي لدى المستثمرين الرئيسين - وهو أمر مفيد حقاً أخيراً.

 

قد يكون هذا أداة قيّمة للغاية للمستثمرين، مع تجاوزنا الجدل الدائر حول ما إذا كنا في فقاعة استثمار في الذكاء الاصطناعي - فمعظم المستثمرين الذين تحدثت إليهم مؤخراً، يتفقون على أننا كذلك، أو على الأقل أن التراجعات في الأسابيع والأشهر المقبلة بعد موجة صعود مذهلة، هي أمر كان لا بد حدوثه. ليس انهياراً بالضرورة، بل تصحيح، وربما عدة تصحيحات.

 

بدلاً من ذلك، يدور النقاش الرئيس حول ما إذا كان الخروج من السوق هو الحل؟ ومتى يجب أن يتم ذلك؟ الحل المُمل هو التنويع الدائم، ورغم صحة ذلك، فإنّ التخارج من أسهم التكنولوجيا الكبرى، يعني على الأرجح أنك ضحيت بالكثير من العوائد هذا العام. ويواجه أولئك الشجعان الذين يحاولون استباق السوق مهمةً أصعب. الخروج من الأسهم مبكراً جداً، يُعرّضك لخطر خسارة آخر خطواتك. كما أن التبكير في الاستثمار يقارب الخطأ.

 

هذا مُزعج، كما أنه يُقيّد مسيرة المحترفين المهنية أيضاً. لا أحد في إدارة الصناديق يستمتع بالحديث مع رئيسه، لشرح سبب تخلفه عن مؤشرات الأسهم الأساسية، بسبب محاولته التباهي بالذكاء. بالإضافة إلى ذلك، فإنك لو خرجت في الوقت المُناسب، سواءً بالحظ أو بالمهارة، فإنّ تحديد موعد العودة يُعدّ أيضاً مهمةً عسيرة للغاية. إذا خرجت مُبكراً جداً، ستخسر المال، وستبدو أحمقاً. وإذا خرجت مُتأخراً جداً، وستُفوّت نقاط التحول الكبيرة في طريقك للعودة.

 

وخلال عرض تقديمي منذ أيام، تناول مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات العالمية في «يو بي إس»، هذه النقطة. إنه يُقرّ بأن تداولات الذكاء الاصطناعي تُمثّل الآن جزءاً كبيراً من «الأمجاد والآمال»، وأنه ليس «متأكداً بنسبة 100 %» من استمرارها. لكنه اختار التفاؤل، ويقوم بتنويع استثماراته لتجنب الاعتماد المفرط على مجموعة صغيرة من الأسهم، وهو مُحقّ تماماً في أنه حتى لو لم يُفلح هذا الموضوع، فقد نكون على بُعد أشهر، بل سنوات، من حدوث ذلك.

 

وخلال العرض، روى هيفيل أنه في عام 1999، أي قبيل انهيار أسهم شركات الإنترنت (لم يكن تصحيحاً، بل انهيار حقيقي)، فإنه كان يُدير أموال الآخرين، وكان قلقاً للغاية بشأن فقاعة، وقد عبّر عن ذلك لعملائه. في ذلك الوقت، كان متشائماً للغاية. قال: «شعرنا بالسوء. لقد تسرعنا في اتخاذ القرار، وبدونا أغبياء لفترة من الوقت». لقد تمت تبرئته في وقت لاحق، لكن عدم الظهور بمظهر الأحمق هو عنصر مهم، وغالباً ما يتم التقليل من أهميته، في كيفية عمل الأسواق والاستثمار حقاً.

 

وفي شركة أموندي، شركة إدارة الأصول الأوروبية، ومقرها باريس، يسود جوٌّ مماثل. فقد عبّر فينسنت مورتييه كبير مسؤولي الاستثمار، بقوة، عن قلقه الكبير إزاء بؤر الإنفاق المفرط على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية. وقد تكون الأسواق في نقطة تحول حالياً، لكنها قد تنتعش قريباً أيضاً.

 

وقال مورتييه: «تعرف أنك في فقاعة عندما تنفجر». وأضاف أن أي انخفاض كبير في أسهم التكنولوجيا الكبرى، قد يكون بمثابة «كارثة». لكن التوقيت هو العامل الحاسم. والحل الذي يقدمه، يتمثل في الاحتفاظ بهذه الأسهم في الوقت الحالي، لكن مع شراء بوالص تأمين ضد أي انكماش. «التحوط، لا تبِع»، هو شعارنا. التضحية ببعض الأداء في الخيارات التي تُدرّ أرباحاً في فترات الانكماش، أقل مرارة من بيع الأسهم الناجحة مبكراً. ولا يُخصص مورتييه استثمارات للبيتكوين، لكنه يراقبها عن كثب، على غير العادة، لأنها تُذكّر بأن «الأشجار لا تظل تنمو إلى السماء».

 

عموماً، لا يزال انهيار السوق الكامل في نهاية هذا العام، أو في وقت ما في عام 2026، خطراً ثانوياً. لكن من المرجح جداً حدوث تراجعات وتصحيحات. وقد تساعد مراقبة سعر البيتكوين في تقديم مقياس لمزاج السوق في تجاوز هذه الفترة العصيبة.