السبت 21 ديسمبر 2024 - 08:13:34 م

عمر بطاريات السيارات الكهربائية الافتراضي.. لغز يعيق تداولها في سوق المستعمل

عمر بطاريات السيارات الكهربائية الافتراضي.. لغز يعيق تداولها في سوق المستعمل

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

عندما يشتري مستخدم هاتفاً متحركاً أو جهاز كمبيوتر محمولاً مستعملاً، يكون أول ما ينظر إليه هو عدد مرات الشحن وعمر البطارية المتبقي. ففي أجهزة أبل، على سبيل المثال، يعطي النظام مؤشراً مئوياً عن نسبة صلاحية البطارية. كلما ارتفعت النسبة، بالإضافة طبعاً إلى حالة الجهاز الظاهرية، ارتفع سعره وأصبح صفقة جيدة. وكلما قل عمر البطارية، تراجعت قيمة الجهاز. فماذا عن السيارات الكهربائية؟ وإذا كانت تسلا هي الأشهر بين السيارات الكهربائية، كيف يُحدد عمر البطاريات في سيارات تعتمد كلياً على البطاريات؟

البطاريات المستخدمة في جميع السيارات الكهربائية، وكذلك في معظم الأجهزة الكهربائية القابلة للشحن، هي بطاريات ليثيوم-أيون. ومن خصائص الليثيوم-أيون الأساسية أن له عمراً افتراضياً وعدداً محدداً من دورات الشحن، وبعدها تبدأ بعض التفاعلات الكيميائية داخل البطارية التي تقلل من كفاءتها، فتقل قدرتها على تخزين الطاقة وتتباطأ قابليتها للشحن.

وفقاً لـ«تسلا»، تدوم بطاريات سياراتها الكهربائية من 7300 إلى 12045 دورة شحن. دورة الشحن هي عملية تفريغ البطارية لطاقتها ثم إعادة شحنها من صفر إلى 100%. يعني ذلك أنه في حالة شحن السيارة بالكامل يومياً، يمكن أن تدوم سيارات تسلا حوالي 20 عاماً. لكن هذا نظري فقط، لأن كفاءة البطارية تنخفض، ولو بنسبة ضئيلة، مع كل دورة شحن، خاصة أن الشحن السريع يرفع من درجة حرارة البطارية، مما يقلل كفاءتها بشكل أسرع.

وبالتالي، فإن شحن البطارية بالكامل يومياً لن يجعلها تسير نفس عدد الكيلومترات على المدى البعيد، نتيجة عامل التهالك والتفاعل الكيميائي داخل البطارية، تماماً مثل الهواتف الذكية التي تدوم 24 ساعة في أول شهور الاستخدام بشحنة واحدة، ثم يبدأ عدد الساعات في التناقص مع الاستمرارية في الشحن اليومي.

تراجع كفاءة

إذا كان مدى السيارة وقت الشراء 450 كيلومتراً في الشحنة الواحدة، فإنه مع الاستمرار في الشحن اليومي سيقل المدى نتيجة تراجع قدرة البطارية على تخزين الطاقة.

في تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، طرحت عدة تساؤلات حول مستقبل السيارات الكهربائية. قالت الصحيفة: «لقد راهن العديد من الشركات المصنعة على السيارات الكهربائية كبديل نظيف يخدم البيئة، لكن لا بد من الإجابة على عدة تساؤلات أولاً، وهي: متى ستصل سرعة الشحن إلى سرعة تعبئة البنزين في السيارات؟ وما هو عمر البطاريات؟ وما تكلفة استبدالها؟».

الباحث التكنولوجي توني سيا، مؤسس شركة «ريثينك إكس» للأبحاث، قال إن مسألة تراجع أداء البطاريات مع الاستخدام ليس عائقاً أمام مبيعات السيارات الكهربائية. وأكد أن البطاريات تدوم نظرياً لما يقرب من 800,000 كيلومتر، وهو عمر أطول من متوسط عمر السيارات التي تعمل بالبترول، والذي يبلغ حوالي 250,000 كيلومتر. واعتبر أنه حتى مع تراجع عمر البطاريات في السيارات الكهربائية، فإن الماكينات التي تعمل بالبترول يتراجع أداؤها أيضاً، وربما بشكل أكبر وأسرع. لذلك، يرى أن الاعتمادية قد تكون أكبر في السيارات الكهربائية، ومع تطور التكنولوجيا ستدوم البطاريات لفترة أطول إذا سمح المصنعون بذلك.

لم تقدم «تسلا» أو غيرها من الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية مؤشراً في برمجة سياراتها يُظهر عمر البطارية كما تفعل أبل في أجهزتها المحمولة. لكن إيلون ماسك، مالك تسلا، قال إن كل سيارة من سيارات شركته يمكنها أن تسير حوالي 800,000 كيلومتر دون الحاجة لتغيير البطارية. غير أن تصريحاته أغفلت فكرة تراجع الكفاءة، حيث يمكن للسيارة أن تسير، لكن السؤال يبقى: ما هو مدى سيرها وقدرتها على الاحتفاظ بالطاقة؟ خاصة في البلدان ذات الحرارة العالية أو المنخفضة، حيث أن الليثيوم حساس لدرجات الحرارة القصوى.

تكلفة الاستبدال

تعتبر البطارية الجزء الأهم والأغلى في السيارات الكهربائية، وقد تصل تكلفة تغيير خلايا البطارية في السيارة الواحدة إلى أكثر من 10 آلاف دولار، ما يجعل البطاريات أثمن جزء فيها. الأمر لا ينطبق على تسلا فقط، بل يشمل كل السيارات الكهربائية في السوق التي تعتمد على الليثيوم. قد لا يقلق شاري السيارة الجديدة بشأن ذلك لكونها مغطاة بالضمان، لكن في ظل غياب مؤشر صريح في برمجة السيارة يدل على عمر البطارية أو نسبتها المئوية، فمن المحتمل أن يعاني سوق السيارات المستعملة في السنوات القادمة مع انتشار هذا النوع من السيارات كبديل حتمي للسيارات المعتمدة على الطاقة البترولية.