السبت، 05 أكتوبر 2024
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
استخدام البرمجيات المتخصصة في المركبات الكهربائية يثير تساؤلات مهمة حول خصوصية السائقين وسلامتهم حول العالم
عندما تقود سيارتك، هل أنت في فضاء عام أم خاص؟ شركات تصنيع السيارات تتسابق في تحويل المركبات الكهربائية إلى هواتف ذكية على عجلات، لكن فيما هي تقوم بذلك، تتلاشى الخطوط الفاصلة بين العام والخاص.
وتسير السيارات الذكية المتصلة بالإنترنت على الطرق بالفعل في دول عدة، وأصبح الوصول عن بُعد إلى السيارات ميزة شائعة بشكل متزايد. وفي بعض المدن الصينية هناك سيارات أجرة ذاتية القيادة حالياً. لكن هذه الراحة تحيط بها مخاوف حول من يستطيع الوصول إلى بيانات القيادة، وفي نهاية المطاف، سيارتنا.
وترى إدارة بايدن السيارات والتكنولوجيا الصينية تهديداً للأمن القومي، لأنها قد يمكنها التجسس على السائقين، وتنظر إليها كذلك كتهديد اقتصادي، وقد تحركت بالفعل لحظر البرمجيات الصينية لتوصيل السيارات بالإنترنت.
وفي السابق، وجهت بكين اتهامات إلى واشنطن، باستغلال «مخاوف الأمن القومي» ذريعة للتحرك ضد الشركات الصينية.ومن السهل الالتفاف على التعريفات الجمركية الحالية على السيارات الكهربائية الصينية عن طريق نقل قواعد الإنتاج للخارج.
لكن نظراً إلى حجم البيانات الشخصية المتوقع جمعها عن طريق السيارات المتصلة بالإنترنت، ليس فقط المصنوعة في الصين، ولكن من قبل شركات السيارات حول العالم، فإنه ينبغي ألا يتم النظر إلى الحظر المقترح على أنه مجرد نزاع تجاري آخر، فهو يثير أسئلة مهمة حول خصوصية السائقين وسلامتهم في أنحاء العالم.
وهناك زيادة واضحة لمبيعات السيارات الكهربائية، لكنها أصبحت تعرف بشكل متزايد على أنها مركبات معتمدة على البرمجيات، وهذا يعني أي سيارة تستخدم البرمجيات لتشغيل وإضافة وظائف جديدة. وتجدر الإشارة إلى أن نحو 97% من كل السيارات الكهربائية متصلة بالإنترنت حالياً.
وتوفر السيارات الذكية المتصلة الكثير من المنافع، وميزات السلامة التي زودت بها هذه السيارات، مثل أنظمة منع التصادم، والتحليل الآني للبيانات، والمستشعرات المتقدمة، ما يعني أوقات استجابة أسرع وحوادث أقل.
وتساعد وظائف القيادة الذاتية في توفير وسائل لنقل المسنين، كما يمكن للشركات المصنعة تحديث برمجيات السيارات عن بُعد، ويمكن للسيارات المتصلة التي تسلك طرقاً أفضل أن تقلل التكدس المروري، وتخفض الانبعاثات الكربونية.
وتتصدر الشركات الصينية المصنعة للسيارات هذا السباق، وأصبحت فترات تطوير النماذج الجديدة أسرع بقرابة 30% مقارنة بنظيراتها التقليدية.
واشتملت أكثر من 60% من المركبات الجديدة التي تسير بالطاقة المتجددة في الصين هذا العام على ميزات مساعدة متقدمة للسائق، بحسب بيانات الصناعة.
لنأخذ «أبوللو جو» مثالاً على ذلك، وهي ذراع سيارات الأجرة ذاتية القيادة الخاصة بمجموعة بايدو الصينية، ويمكن لسيارات الشركة التعامل مع غالبية ظروف القيادة بصورة مستقلة ودون وجود سائق. الأكثر أهمية من ذلك، أن «بايدو» تمكنت من خفض التكاليف على نحو هائل.
حيث تبلغ تكلفة الجيل السادس من سيارات الأجرة ذاتية القيادة الخاصة بها نحو 28.500 دولار، أي أنها أقل سعراً من النموذج السابق بنحو النصف، لكن بلوغ هذه المرحلة كان مكلفاً رغم ذلك. فقد بدأت «بايدو» باستثمار المليارات من صندوقها الذي يركز على القيادة الذاتية عام 2017 وتطلب مشروع القيادة الذاتية لدى الشركة أعواماً من الاختبار وما زال يشهد خسائر.
وبالنسبة لشركة «بي واي دي» الصينية المصنعة للمركبات الكهربائية، من المقرر أن تستثمر 14 مليار دولار في نواحٍ مرتبطة بالقيادة الذاتية للحاق بركب التطور في هذا المضمار، أما نظيرتهما المحلية «نيو»، الرائدة في برمجيات القيادة الذاتية.
فما زالت تشهد خسائر رغم نمو مبيعاتها.يعني ذلك أن بعض مصنعي السيارات العالميين المتعجلين في اللحاق بركب برمجيات القيادة الذكية، أو يفتقرون إلى التمويل لتطوير برمجياتهم الخاصة، قد يبدأون في استخدام برمجيات تحوي تكنولوجيا صينية. من دون هذا الخيار، تخاطر شركات صناعة السيارات بالتخلف عن الابتكار وخسارة سوق مربحة.
وبحسب تقديرات «جولدمان ساكس» فمن المتوقع أن تشكل السوق العالمية لسيارات الأجرة ذاتية القيادة 25 مليار دولار، بحلول 2030. كذلك فإنه بحلول 2027، يتوقع أن تشكل السيارات ذاتية القيادة جزئياً، التي تتطلب إشرافاً من السائق، نحو 30% من مبيعات السيارات الجديدة عالمياً. وبالنسبة للمشترين، فقد تصبح السيارات الكهربائية معقولة التكلفة أكثر بُعداً عن متناولهم، مع ارتفاع تكاليف التطوير.
وبما أن السيارات تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة الكثيرين منا، فإن المخاطر المحتملة تتضاعف ــ ربما أكثر من أي منتج آخر. ولتتمكن شركات صناعة السيارات من توفير المساعدة عن بُعد وتقديم ترقيات بعد البيع.
وللوظائف ذاتية القيادة التي تستخدم الكاميرات وأجهزة الاستشعار، إذ لا بد أن تكون السيارات متصلة في الوقت الحقيقي، كما يتطلب تحسين البرمجيات أيضاً جمع بيانات مكثفة. وهذا يعني وجود خطر، حتى وإن كان ضئيلاً، يتمثل في أن السيارات المتصلة قد تتأثر بهجوم سيبراني أو خرق للبيانات.
فقد يكون من الممكن الوصول إلى وظائف السيارات عن بُعد، ما سيؤثر سلباً على سلامة السائق. ويمكن أيضاً التلاعب بالمستشعرات لالتقاط أجسام زائفة على الطريق. ليس ذلك فحسب، بل يمكن أيضاً أن تتحول السيارة ذاتية القيادة المخترقة إلى سلاح.
وهكذا، فقد بدأ السباق نحو السيارات الذكية ذاتية القيادة يتخطى نقاشات الخصوصية ومخاطر الأمن السيبراني والقواعد التنظيمية. وقد يعني إغلاق الحدود التجارية حرمان بعض الدول من أحدث الابتكارات. لكن إلى أن تجد الحكومات طريقاً للموازنة بين المخاطر والمكافآت، فقد يكون من المفيد أن نسلك الحارة البطيئة.