الأثنين، 04 نوفمبر 2024
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا الكبرى 200 مليار دولار هذا العام، مع توقعات بزيادة أخرى في عام 2025. ويؤدي ذلك إلى تصاعد المخاوف في وول ستريت بشأن عوائد الاستثمار المتزايد في الذكاء الاصطناعي.
وخلال الأسبوع الماضي، قدمت أربع شركات إنترنت عملاقة في الولايات المتحدة، هي ميتا وأمازون وألفابت (الشركة الأم لغوغل) ومايكروسوفت، لمحات سريعة للمستثمرين عن الفوائد التي تتوقع جنيها من توجهها القوي نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث زعمت أن ذلك يعزز أداء خدماتها الأساسية ويساهم في خفض التكاليف التشغيلية.
وشهد يوم الخميس هبوطاً في سوق الأسهم، حيث حول المستثمرون تركيزهم من الفوائد غير المؤكدة إلى الزيادة الكبيرة والملموسة في الإنفاق على الرقائق والبنية الأساسية لمراكز البيانات، مع احتدام سباق الذكاء الاصطناعي. ووفقاً للتقارير المالية، قفز الإنفاق الرأسمالي لأكبر أربع شركات ضخمة بأكثر من 62% عن العام السابق، لتصل إلى حوالي 60 مليار دولار خلال الربع الأخير. وكانت ميتا وأمازون من بين الشركات التي أشارت إلى زيادات إضافية في الإنفاق العام المقبل.
ويتوقع محللو سيتي وصول إجمالي الإنفاق الرأسمالي لهذه الشركات إلى 209 مليارات دولار هذا العام، بزيادة كبيرة تصل إلى 42% عن 2023، مع تقديرهم بأن مراكز البيانات تستحوذ على حوالي 80% من هذا الإجمالي.
وأعرب جيم تيرني، وهو مستثمر في الأسهم لدى أليانس بيرنشتاين، عن قلق شائع عن «ما هي الفائدة الحقيقية؟». وقال إن «جميع هذه الشركات تنفق مبالغ طائلة»، متوقعاً أن التأثير على هوامش الربح سيصبح «أكثر وضوحاً في 2025».
وهناك مؤشرات على أن الطلب على الذكاء الاصطناعي التوليدي بدأ في تعزيز نمو شركات التكنولوجيا الكبرى ناتج عن تسارع نمو أقسام الحوسبة السحابية لدى مايكروسوفت وغوغل. لكن التفاؤل سرعان ما تبدد عندما حذرت مايكروسوفت من تراجع نمو الحوسبة السحابية في الربع الحالي، بسبب قيود العرض. وفي الوقت نفسه، فشلت أمازون ويب سيرفيسز، الرائدة في سوق الحوسبة السحابية، في تحقيق أكثر التوقعات تفاؤلاً لتسريع نموها، رغم أنها عززت ثقة المستثمرين بهامش ربح أفضل من المتوقع.
ومن بين الشركات التي قدمت وعوداً تتسم بالغموض حول عائدات الذكاء الاصطناعي شركة ألفابت التي ذكرت أن ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة في محرك بحثها تعمل على تحسين المشاركة وزيادة الاستخدام. كما قالت إن الذكاء الاصطناعي يولد الآن ربع البرمجيات التي تنتجها. ورغم ذلك، انخفض نمو حجم البحث على غوغل عن الربع السابق، مما أثار تساؤلات حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي.
من جانبها، أعلنت شركة مايكروسوفت أن إيرادات الذكاء الاصطناعي على وشك الوصول إلى 10 مليارات دولار سنوياً، وهو إنجاز تحقق بوقت أسرع من أي شركة أخرى على مدى تاريخها. وأشارت الشركة إلى أن كوبايلوت - وهي ميزة ذكاء اصطناعي برسوم شهرية تبلغ 30 دولاراً لكل مستخدم - شهدت «أسرع نمو لمجموعة جديدة» في تطبيقات الإنتاجية.
ولاحظ برنت ثيل، المحلل في جيفريز، أن قيمة 10 مليارات دولار المعلنة بمثابة إفصاح نادر عن أرقام إيرادات قوية ودليل مبكر على الفوائد الحقيقية التي يمكن أن تنشأ عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن حفنة من شركات البرمجيات الأخرى هي من كشفت تفاصيل حول تأثير الذكاء الاصطناعي على إيراداتها، وهو ما تسبب في انتشار حالة من القلق بسوق الأسهم. وقال ثيل إن «الوضع غامض، والمستثمرون يشعرون بالقلق إزاء التكاليف».
على صعيد متصل، أكدت شركة ميتا للمستثمرين أن الذكاء الاصطناعي قد عزز العائدات من الإعلانات وحسن التفاعل بين المستخدمين، فيما قالت أمازون ويب سيرفيسز إن عمليات الذكاء الاصطناعي «التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات» تنمو بمعدل يتجاوز 100%.
ورغم أن هذه التطورات مشجعة لكنها تبقى غارقة في الضبابية، فالزيادة السريعة في الإنفاق على مراكز البيانات الجديدة ومعدات الذكاء الاصطناعي كانت واضحة تماماً. وأمام تساؤلات المستثمرين، قال المسؤولون التنفيذيون في شركات عدة إن الزيادة الهائلة في المنشآت المخصصة للذكاء الاصطناعي مرتبطة بالطلب، مؤكدين أن كفاءة رأس المال ستتحسن مع توسع أعمالهم.
وقارن المسؤولون التنفيذيون في أمازون ومايكروسوفت هذا الوضع ببدايات أعمال الحوسبة السحابية، عندما تسبب بناء وتجهيز مراكز البيانات في زيادة النفقات بشكل مماثل. وقال الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، أندي جاسي، إن ثمة إشارات شراء متقدمة قوية من العملاء تمكن الشركات من مواءمة الإنفاق الاستثماري لتلبية الطلب الفعلي. وأشارت المديرة المالية لشركة مايكروسوفت إيمي هود إلى أن حوالي نصف الإنفاق الرأسمالي للشركة مخصص لشراء الخوادم التي يمكن مزامنتها مع الزيادات في الطلب.
ورغم مزاعم الانضباط الاستثماري، واجه المستثمرون حقيقة مفادها أن ارتفاع الإنفاق سيؤثر على بيانات الدخل لشركات التكنولوجيا الكبرى في العام المقبل، حتى مع الغموض المحيط بفوائد الإيرادات المحتملة.
وعلى سبيل المثال، حذرت ميتا من أن عام 2025 سيشهد «تسارعاً كبيراً في نمو نفقات البنية التحتية»، حيث ستؤدي مراكز البيانات الجديدة إلى ارتفاع تكاليف الاستهلاك والنفقات التشغيلية. لكن التغييرات التي أدخلتها مايكروسوفت وألفابت وأمازون على سياسات الاستهلاك في السنوات الأخيرة ستحد من التأثير.
فقد قامت جميعاً بإطالة العمر الإنتاجي لمعدات مراكز البيانات لأغراض المحاسبة، مما يقلل من حجم الاستهلاك السنوي الذي يجب عليها الإبلاغ عنه.
وذكرت أمازون أن تمديد عمر الخوادم لعام واحد رفع هامش الربح في قسم السحابة بمقدار نقطتين مئويتين في الربع الأخير - وهي المرة الثانية التي تنفذ فيها هذا الإجراء في غضون عامين. لكن رغم محاولات تمديد رسوم الاستهلاك في المستقبل، سيكون من الصعب تجنب الضغوط المتزايدة على الهوامش الناتجة عن ارتفاع الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.
وفي أعقاب ارتفاع قوي لمدة عامين مع زيادة توقعات أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل مطرد، يمكن أن يمثل ذلك نقطة تحول حاسمة. فقد أغلق مؤشر ناسداك المركب، الذي يتضمن عدداً كبيراً من شركات التكنولوجيا، على انخفاض بنسبة 2.8% يوم الخميس، حيث خسرت مايكروسوفت وميتا وإنفيديا المصنعة لرقائق الذكاء الاصطناعي أكثر من 400 مليار دولار من القيمة السوقية.
وفي صباح الجمعة، كانت أسهم ميتا وألفابت مستقرة نسبياً، بينما ارتفعت أسهم مايكروسوفت وأمازون بنسبة 1% و7% على التوالي، في حين ارتفعت أسهم إنفيديا بنسبة 3%.
وأشار جيم تيرني إلى أن «هناك تساؤلات من جانب المستثمرين حول ما إذا كانت حقبة التفوق والزيادة في إعلانات الأرباح الفصلية قد ولت». وفي هذه الحالة، فقد تنذر الاضطرابات التي اجتاحت السوق يوم الخميس بأوقات عصيبة قادمة.