الأثنين 20 يناير 2025 - 06:44:06 ص

هل تحدث أدوية إنقاص الوزن انقلاباً في سوق السكر؟

هل تحدث أدوية إنقاص الوزن انقلاباً في سوق السكر؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

تزدهر السوق العالمية لتوريد السكر، التي يبلغ حجمها مليار دولار، رغم توضيح المخاطر الصحية للإفراط في تناوله. فلا تزال مبيعات الحلويات قوية، ويستمر محيط الخصر البشري في الزيادة بكل مكان. فهل يمكن أن تنجح أدوية إنقاص الوزن فيما فشلت فيه الحكومات والعلماء والأطباء، وهو سحق الطلب على السكر؟

تعتبر ما يعرف باسم محفزات مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون -1 (GLP-1s) الموجودة في أدوية مثل ويجوفي ومونجارو وأوزمبيك بمثابة مغير لقواعد اللعبة في معالجة السمنة، وربما مجموعة حالات أخرى، من مرض السكري إلى الإدمان، لأنها تقلل شهية المستخدمين. بالتالي، قد تؤدي أيضاً إلى انقلاب في أسواق السكر.

وأثارت المخاوف من امتناع الأمريكيين الذين يتناولون GLP-1s عن شراء الحلويات قلق الشركات والمستثمرين بالفعل. فقد تراجعت أسهم شركتي مونديليز وبيبسيكو بعد أن أفاد الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت، جون فورنير، بأن العملاء الذين يتناولون هذه الأدوية يشترون كميات أقل من البقالة. كما اعترفت شركة هيرشي بوجود «تأثير طفيف» على المبيعات، يرجع إلى الاستخدام المتزايد لأدوية GLP-1.

يتجاهل تجار السكر، حالياً، المخاوف بشأن قدرة أدوية إنقاص الوزن على التأثير على الطلب. ربما هم محنكون، حيث لم تحدث عقود من حملات «السكر مضر» أي تأثير على الاستهلاك العالمي، الذي تضاعف أربع مرات في الستين عاماً الماضية، وفقاً للبروفيسور بول بيرنز من الأكاديمية البريطانية. ولا تزال الحلويات تباع بسرعة في معظم الأسواق، وحتى وقت قريب، كانت أسعار السكر مرتفعة بسبب مشكلات الطقس وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وهناك أسباب أخرى لعدم مبالاة التجار. فحتى الآن، تعتبر أدوية أوزمبيك وغيرها باهظة الثمن ومتاحة فقط لشريحة صغيرة من المستهلكين الأثرياء في الدول المتقدمة. وحتى إذا بدأت هذه الأدوية المثبطة للشهية في تقليل الطلب، فإن التفكير السائد هو أن ذلك سيكون تدريجياً، ما يمنح الأسواق ومنتجي السكر الكثير من الوقت للتكيف.

ولكن هل يمكن أن تكون هذه الثقة في غير محلها؟ فأدوية إنقاص الوزن بالفعل تعمل على كبح الشهية. هذا يجعلها أكثر عرضة لإعادة تشكيل استهلاك السكر، وبالتالي، سوق السكر.

يعتقد ستيفن جيلدارت، من شركة تجارة السكر Czarnikow ومقرها لندن، أن أدوية GLP-1 تسير بالفعل على الطريق الصحيح لتعطيل الطلب، بدءاً من الدول الغنية. وقال «أعتقد أننا في المراحل الأولى من ذلك، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هذه الأدوية لا تزال باهظة الثمن». «لذلك فهي ليست منتشرة - حتى الآن».

وكلمة «حتى الآن» تلقي بظلالها بقوة. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تخطط الحكومة لطرح دواء مونجارو عبر هيئة الخدمات الصحية الوطنية، ومن المرجح أن تنخفض الأسعار في أماكن أخرى أيضاً، خصوصاً مع تسابق شركات الأدوية لبيع نسخ مركبة من الأدوية، والتحايل على براءات الاختراع.

وإذا انخفضت الأسعار واتسع نطاق الوصول، فقد تصل التأثيرات المتتالية إلى الأسواق ذات الدخل المتوسط وحتى الأسواق النامية. ووباء السمنة وسلسلة الظروف الصحية المصاحبة له لا تقتصر على الدول الغربية الغنية. ففي الهند، أكبر مستهلك للسكر في العالم، ترتفع معدلات الإصابة بمرض السكري والسمنة.

ويستهلك الهنود 29 مليون طن من السكر سنوياً، أو ما يعادل 15 % من الطلب العالمي. حتى الإقبال المتواضع على GLP-1s هناك يمكن أن يزعزع السوق بطرق قد يجد التجار صعوبة في تجاهلها.

ويسلط جيلدارت الضوء على ظاهرة أخرى يجب أن تثير انتباه المشاركين في سوق السكر: يشكل المشترون الرئيسيون للمنتجات ذات مستويات السكر العالية مثل الآيس كريم والبسكويت والشوكولاتة نسبة كبيرة من المبيعات. وإذا قلل هؤلاء المستخدمون من استهلاكهم، فقد يكون هناك تأثير كبير.

ومع ذلك، يعتبر تتبع استهلاك السكر أمراً صعباً للغاية. لذلك، هناك خطر حقيقي من أن هذه الاتجاهات قد تتطور دون أن يكتشفها أحد قبل أن تستيقظ الصناعة على ما يحدث.

رغم ذلك، يمكن أن يتضخم الانخفاض الهادئ في الطلب بسبب ارتفاع العرض. فقد حفزت الأسعار المرتفعة خلال العام الماضي موجة من الاستثمارات في قصب السكر، خصوصاً في البرازيل. وإذا زاد الإنتاج مع تراجع الاستهلاك، فقد يواجه السوق فائضاً في العرض يؤدي إلى انخفاض الأسعار ليفرض تعديلاً مؤلماً. وبالفعل، تراجعت الأسعار أخيراً بسبب انخفاض المخاوف بشأن الإنتاج. وانخفضت العقود الآجلة للسكر الخام في نيويورك من ذروتها في نوفمبر 2023 البالغة 28 سنتاً للرطل، وانخفضت هذا الشهر إلى أقل من 19.50 سنتاً.

لكن لدى السكر قدرة على التكيف، حيث يمكن إعادة استخدامه في وقود الإيثانول أو البلاستيك الحيوي، خصوصاً مع تزايد الطلب على الوقود منخفض الكربون والمواد المتجددة. رغم ذلك، لن يحدث هذا التحول بين عشية وضحاها. وحتى الآن، لم يجذب سوق السكر كثيراً من اهتمام المضاربين. لكن متى ينتهز البائعون على المكشوف فرصة للحصول على جزء من «كعكة أوزمبيك؟».