السبت، 18 يناير 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
تتجه صناديق التقاعد نحو الاستثمار في الـ«بيتكوين»، ما يشير إلى أنه حتى أكثر قطاعات التمويل تحفظاً تجد صعوبة في تجاهل العوائد الكبيرة المحتملة للعملات المشفرة.
وتعد برامج التقاعد في ولايتي ويسكونسن وميشيغان من بين أبرز حاملي صناديق الأسهم الأمريكية المخصصة للعملات المشفرة. في الوقت نفسه، قامت بعض صناديق التقاعد في المملكة المتحدة وأستراليا خلال الأشهر الأخيرة بتخصيص استثمارات صغيرة في البيتكوين من خلال الصناديق أو المشتقات المالية.
ويرى المستشارون أن الارتفاع الكبير الذي شهدته البيتكوين العام الماضي، حيث تضاعفت قيمتها لتصل إلى 100 ألف دولار، قد أثار اهتمام الأمناء المتحفظين.
ويتوقع محللو العملات المشفرة أن تتضاعف قيمة البيتكوين مرة أخرى هذا العام مع قدوم إدارة أمريكية مؤيدة للعملات المشفرة بقيادة دونالد ترامب. فقد تعهد الرئيس المنتخب بجعل الولايات المتحدة «القوة العظمى في مجال البيتكوين عالمياً» وإنهاء حملة القمع التنظيمية على هذا القطاع.
وقال المستشار في شركة ميرسر التي تقدم استشارات لصناديق التقاعد في المملكة المتحدة، مات سكوت: «منذ يوم الانتخابات، تلقينا سيلاً من الاستفسارات، الأمناء لا يحبون الاعتقاد بوجود فئة أصول ساخنة لا يعرفون شيئاً عنها».
واتجهت معظم صناديق التقاعد إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة الأمريكية الخاضعة للتنظيم، والتي تمت الموافقة عليها العام الماضي، والتي تستثمر مباشرة في العملات المشفرة نيابة عن المستثمرين وتتابع أسعار العملات المشفرة مثل البيتكوين والإيثيريوم.
وكان مجلس الاستثمار في ولاية ويسكونسن في المرتبة الثانية عشرة بين أكبر المساهمين في صندوق البيتكوين التابع لشركة بلاك روك بنهاية سبتمبر وفقاً لأحدث البيانات.
وتُقدر قيمة هذه الحصة الآن بنحو 155 مليون دولار، بعد أن قفزت قيمة الصندوق بنحو 50% منذ بداية الربع.
وتعد ولاية ميشيغان سادس أكبر مساهم في صندوق الاستثمار المتداول في الإيثيريوم التابع لشركة غرايسكيل، حيث تُقدر حصتها بـ12.9 مليون دولار وفقاً لتقرير صدر في نوفمبر.
كما أنها تحتل المرتبة الحادية عشرة بين أكبر المستثمرين في صندوق «إيه آر كيه 21 شيرز بيتكوين» الذي تديره المستثمرة كاثي وود، الذي ارتفعت قيمته بنسبة 14% منذ الانتخابات.
وعودة صناديق التقاعد إلى العملات المشفرة تأتي بعد إخفاقات بارزة في أزمة سوق العملات المشفرة قبل عامين. فقد قامت خطة المعاشات التقاعدية لمعلمي أونتاريو في كندا بشطب استثمار بقيمة 95 مليون دولار في بورصة العملات الرقمية «إف تي إكس» بعد انهيارها عام 2022.
كما اعترفت شركة «كيس دي ديبو إي بلاسمان دو كيبيك»، ثاني أكبر مدير لصناديق التقاعد في كندا، بأنها دخلت مجال العملات المشفرة «في وقت مبكر جداً»، عندما شطبت استثماراً بقيمة 150 مليون دولار في منصة إقراض العملات المشفرة سيلسيوس نتورك.
وقال أليكس بولاك، رئيس شركتي المملكة المتحدة وإسرائيل لدى شركة «21شيرز» وهي مزود سويسري لمنتجات التداول في البورصة للعملات المشفرة: «لا شك أن الرياح المعاكسة تتلاشى... أعتقد أننا سنشهد المزيد من تبني المؤسسات لهذه الفئة من الأصول».
وفي المملكة المتحدة، قالت شركة الاستشارات التقاعدية «كارترايت»، إنها قدمت المشورة لأول صفقة بيتكوين لها، وكانت خاصة بخطة تقاعد صغيرة بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، والتي خصصت نحو 1.5 مليون جنيه إسترليني مباشرة للبيتكوين بدلاً من الاستثمار عبر صناديق المتداولة في البورصة، على أمل أن تساعد العوائد الكبيرة المحتملة في سد العجز التمويلي لديها.
وقال سام روبرتس، مدير استشارات الاستثمار في شركة كارترايت، إنه رغم أن قطاع التقاعد يتحرك ببطء، إلا أنه يتوقع أن يكون هذا العام «مثيراً للغاية» من حيث قرارات تخصيص المزيد من الاستثمارات للعملات المشفرة. وأضاف روبرتس أن أكثر من 50 مدخراً فردياً قد تواصلوا مع الشركة معبرين عن عدم رضاهم عن مزودي خطط معاشاتهم التقاعدية، حيث يرغبون في تحويل أموالهم بالكامل إلى العملات المشفرة.
وأشار إلى أن شركة «كارترايت»، تجري محادثات مع صندوقين للمعاشات التقاعدية حول إنشاء صندوق بيتكوين يمكن للمستثمرين الاشتراك فيه إذا رغبوا، وذلك لعدم خسارة الأعضاء الراغبين في الاستثمار في سوق العملات المشفرة.
وتابع روبرتس: «يمكن أن يشهدوا انتقال عدد كبير من الأعضاء إليهم... سيكون هناك ميزة كبيرة للجهة التي تتخذ الخطوة الأولى»، لكنه أشار إلى أن المناقشات ما زالت في مراحلها المبكرة.
وفي أستراليا، لجأت شركة «إيه إم بي» التي تدير صناديق تقاعد، إلى استخدام البيتكوين لتعزيز العوائد.
وقال ستيف فليغ، مدير محفظة أول في شركة «إيه إم بي»: «اتخذت محافظ الشركة خطوة جريئة في 2024 بتخصيص جزء متواضع للاستثمار في عقود البيتكوين الآجلة. ورغم أن العملات المشفرة محفوفة بالمخاطر، وجديدة، ولم تثبت جدواها بشكل كامل بعد، فقد رأينا أنها أصبحت كبيرة جداً وإمكاناتها كبيرة جداً بحيث لا يمكن تجاهلها».
رغم ذلك، لا تزال صناديق التقاعد التي تخصص استثماراتها في البيتكوين والعملات المشفرة تمثل أقلية داخل القطاع، حيث يظل معظم المستشارين مترددين في التوصية بهذه الاستثمارات لعملائهم.
وفي ديسمبر الماضي، حذر مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي من أن الأصول المشفرة تتميز بـ«تقلبات عالية للغاية»، بعد أن سمى 69 خياراً استثمارياً في الأصول المشفرة متاحاً للمستثمرين ضمن خطط التقاعد.
وقال دانييل بيترز، شريك في قسم الاستثمار العالمي بشركة «أون»: «لا نعتقد أن صناديق التقاعد يجب أن تخصص استثماراتها للعملات المشفرة؛ فهي شديدة التقلب، ولا نرى أي إطار تقييم قوي يمكن أن يبرر قيمتها».
وأضاف: «إن أفضل طريقة لصناديق التقاعد للاستثمار في هذه الفئة من الأصول هو من خلال صناديق التحوط التي تتمتع بالخبرة والمهارة في هذا المجال».
وأشار بيترز إلى أن «هذا النوع من الأصول لا ينبغي أن يكون جزءاً من استراتيجية صندوق التقاعد ما لم يكن المدير متخصصاً».