الخميس 13 مارس 2025 - 10:06:09 م

صناعة السيارات العالمية تنظر بقلق شديد إلى التعريفات الأمريكية

صناعة السيارات العالمية تنظر بقلق شديد إلى التعريفات الأمريكية

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

تستعد شركات السيارات لما قد يشكل صدمة كبيرة لسلسلة التوريد العالمية للصناعة، أكبر حتى مما شهدته خلال جائحة كورونا، وذلك في ظل حالة من عدم اليقين بشأن مدى ومدة حرب التعريفات الجمركية، التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبعد يومين فقط من إصدار الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً بفرض تعريفات جمركية قدرها 25 % على الواردات من كندا والمكسيك، إضافة إلى تعريفات بـ 10 % على البضائع المستوردة من الصين، قرر ترامب تعليق فرض التعريفات على الواردات المكسيكية مدة شهر، وذلك بعد محادثة «ودودة للغاية» مع كلوديا شينباوم، رئيسة المكسيك، وبعد ذلك بوقت قصير توصل جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا إلى صفقة في اللحظات الأخيرة مع الولايات المتحدة بتجميد التعريفات لمدة 30 يوماً أيضاً.

وتبقى شركات صناعة السيارات حذرة بشأن إجراء تغييرات استراتيجية كبيرة، ومكلفة دون مزيد من الوضوح بشأن سياسة التجارة والطاقة الأمريكية على المدى الطويل، رغم أن المسؤولين التنفيذيين في جنرال موتورز وستيلانتس وتيسلا أشاروا إلى أنهم سيزيدون من التصنيع في الولايات المتحدة، للتعويض عن أي تأثير للرسوم الجمركية.

وقال مايكل لوهشيلر، الرئيس التنفيذي لشركة بوليستار، صانع السيارات الكهربائية المدعومة من شركة جيلي الصينية، في مقابلة أجريت معه مؤخراً: إذا بدأت الآن بالمبالغة في رد الفعل فهذا أمر خطير الآن»، لكن ما هو أسوأ سيناريو ممكن؟

اعتمد كثير من المسؤولين التنفيذيين لشركات السيارات على الخبرة، التي اكتسبوها خلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب في تقليلهم من شأن خطر نشوب حرب تعريفات جمركية دولية، ويقول خبراء سلاسل التوريد، إن أسوأ سيناريو هو فرض تعريفات أمريكية، وأخرى انتقامية، ما يؤدي إلى إطلاق موجة إفلاس بين موردي قطع غيار السيارات الأضعف.

والمشكلة أن سلسلة التوريد العالمية لقطاع السيارات شديدة التعقيد والاعتمادية، لدرجة أن المكونات المصنوعة في المكسيك قد يتم إرسالها إلى مصنع أمريكي ثم إعادتها إلى المكسيك لعملية التجميع النهائي قبل بيعها لاحقاً في السوق الأمريكية، ما قد يؤدي في النهاية إلى وضع «تفرض فيه تعريفات على تعريفات».

وبالنسبة للشركات الأكثر تأثراً فإن «الثلاثة الكبار»، الذين توسعوا في أنحاء القارة منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا» عام 1994، هم الأكثر عرضة للتأثر من حيث الإيرادات، وتعد «جنرال موتورز» هي الأكثر تأثراً، بحسب محللين، وليست «ستيلانتيس»، التي تملك علامة «كرايسلر» أفضل حالاً، وتعد «فورد» هي الأقل عرضة للتأثر، لأنها الأقل استيراداً للسيارات من خارج الولايات المتحدة.

وتصنع «جنرال موتورز» شاحنتها الشهيرة «سيلفيرادو» التابعة لعلامة «شيفروليه» ذات هامش الربح العالي في مصنع «سيلاو» الكائن بالمكسيك، وآخر في أوشاوا داخل كندا، ما يزيد تأثرها بالأمر.

وقال جيمس بيكارييللو، المحلل لدى «بي إن بي باريبا»: «إنه في حين قد تقرر الشركة نقل إنتاج 300,000 شاحنة من أصل 350,000 تستوردها حالياً إلى الولايات المتحدة، إلا أن مثل هذا النقل سيستغرق ما بين 12 إلى 18 شهراً مع تعديل شحنات الموردين والعمالة».

وأشار بيكارييللو إلى أن هذا النقل من شأنه إضافة نحو مليار دولار إلى تكاليف العمالة، بما أن أجور العمالة في أمريكا أعلى من التي يتقاضاها العمال في المكسيك، ويتوقع أن تتضرر أرباح «جنرال موتورز» التشغيلية بنسبة 7 %، غير أن هذه النتيجة ستكون أفضل مقارنة بانخفاض قدره 50 % في الأرباح، بسبب تعريفات جمركية قدرها 25 %.

لكن هل الألمان في أمان؟ يعتبر صانعو السيارات الأوروبيون منكشفين حتى قبل أن تفرض الولايات المتحدة أي تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي، و«فولكس فاجن» تعتبر صاحبة الوضع الأكثر سوءاً، بما أن 45 % من سياراتها المباعة داخل الولايات المتحدة يتم تصنيعها في المكسيك وكندا.

وبما أن علامتيها الفاخرتين «أودي» و«بورشه»، اللتين يتم بيعهما في أمريكا يجري تصنيعهما خارج الولايات المتحدة، فتقدر وكالة «موديز» أن فرض تعريفات جمركية قدرها 25 % على المكسيك سيقلل الأرباح العالمية التي تجنيها «فولكس فاجن» قبل احتساب الفوائد والضرائب بأكثر من 15 %، وتعد شركة بي إم دبليو الألمانية للسيارات أقل تأثراً، في ظل تصنيع 65 % من سياراتها داخل الولايات المتحدة، كما أنها مصدرة صافية من البلاد.

وماذا عن «تسلا»، هل تستفيد؟ إن المستثمرين يعلقون آمالاً على أن الصلات الوثيقة بين إيلون ماسك وترامب ستحمي «تسلا» من تداعيات هذه السياسات، لكن أكبر مصنعة للمركبات الكهربائية على مستوى العالم تبقى عرضة للتأثر. وتقوم «تسلا» بتجميع كل مركباتها داخل أمريكا محلياً، لكن «باركليز» أشار إلى اعتمادها على المكسيك فيما يتراوح بين 20 % و25 % من مكونات مركبات «موديل 3» و«موديل واي»و «سايبر تراك».

ويمكن أن تكون الشركة هدفاً لتعريفات جمركية انتقامية من كندا، وقالت كريستيا فريلاند، وزيرة المالية الكندية السابقة التي تسعى لخلافة ترودو في منصب رئيس الوزراء، إن أوتاوا يجب أن يصدر عنها رد فعل انتقامي ضد التعريفات الأمريكية عن طريق فرض رسوم هائلة على مركبات «تسلا» لمعاقبة ماسك.

وتأتي حرب التعريفات الجمركية فيما تواجه «تسلا» انخفاضاً في المبيعات بأوروبا، بسبب تباطؤ الطلب على المركبات الكهربائية، واحتدام المنافسة، وردود الفعل السلبية من جانب العملاء ضد النشاط السياسي لماسك.

إذن من هم الأقل تأثراً؟ من شأن شركات تصنيع السيارات اليابانية الأصغر، مثل «ميتسوبيشي موتورز»و«سوبارو»، أن تستفيد من غياب الإنتاج في المكسيك وكندا، وتعد «هوندا» أفضل حالاً أيضاً، بما أن ثلثي مبيعاتها في الولايات المتحدة من السيارات تجمع محلياً، بحسب «باركليز»، ومن غير المرجح كذلك أن تتأثر «رينو»، بسبب غياب مبيعاتها في أي من أمريكا أو كندا.